الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء (نسخة منقحة)
وفيها في ربيع الأول، توفي الأمير سيف الدين طرنا الناصري، أمير مائة، مقدم ألف، بدمشق.ومات جمال الدين فرج بن شمس الدين قره سنقر المنصوري.ورسم تنكز نائب السلطنة بعمارة باب توما وإصلاحه، فغمر عمارة حسنة ورفع نحو عشرة أذرع، ووسع وجدد بابه.وفيها في ربيع الآخر، وصل جمال الدين أقوش نائب الكرك إلى طرابلس نائباً بها، عوضا عن قرطاي. رحمه الله تعالى، ووصل سيل إلى ظاهر دمشق، وهدم بعض المساكن، وخاف الناس منه، ثم نقص في يومه، ولطف الله تعالى.وتوفيت أم الخير خديجة، المدعوة ضوء الصباح، وكانت تكتب بخطها في الإجازات ودفنت بالقرافة.وفيها في جمادى الأولى، توفي الفاضل بدر الدين محمد بن شرف الدين أبي بكر الحموي المعروف بابن السمين، بحماة، وكان أبوه من فصحاء القراء رحمهما الله تعالى.وفيها في جمادى الآخرة، توفي بحلب، شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن ابن القاضي عماد الدين بن العجمي، سمع الشمائل على والده، وحدث وأقام مع والده بمكة في صباه، أربع سنين، وكان شيخاً محترماً من أعيان العدول، وعنده سلامة صدر، رحمة الله تعالى.ومات الأمير شمس الدين محمد بن الصيمري بن واقف المارستان بالصالحية.وفيها في رجب، وصل كتاب من المدينة النبوية، يذكر فيه أن وادي العقيق سال من صفر وإلى الآن، ودخل السيل قبة حمزة رضي الله عنه، وبقي الناس عشرين يوماً ما يصلون إلى القبة، وأخذ نخلاً كثيراً وخرب أماكن.ومات الأمير عز الدين نقيب العساكر المصرية، ودفن بالقرافة.ومات الأمين ناصر الدين بن سويد التكريتي، سمع على جماعة من أصحاب ابن طبرزد، وحدث وكان له بر وصدقات، وحج مرات، وجاور بمكة، ومات الشيخ العالم الرباني الزاهد، بقية السلف، نجم الدين اللخمي القبابي الحنبلي بحماة، وكانت جنازته عظيمة، وحمل على الرؤوس. سمع مسند الدارمي، وحدث وكان فاضلاً فقيهاً فرضياً جليل القدر، وفضائله وتقلله من الدنيا، وزهده معروف، نفعنا الله ببركته، والقباب المنسوب إليها قرية من قرى أشموم الرمان متصلة بثغر دمياط.قلت وقدم مرة إلى الفوعة وأنا بها، فسألني عن الأكدرية إذا كان بدل الأخت خنثى، فأجبت: إنها بتقدير الأنوثة تصح من سبعة وعشرين وبتقدير الذكورة تصح من ستة. والأنوثة تضر الزوج والأم، والذكورة تضر الجد والأخت، وبين المسألتين موافقة بالثلث، فيضرب ثلث السبعة والعشرين، وهو تسعة في الستة، تبلغ أربعة وخمسين، ومنها تصح المسألتان، للزوج ثمانية عشر. وللأم اثنا عشر، وللجد تسعة، ولا يصرف إلى الخنثى شيء والموقوف خمسة عشر، وفي طريقها طول ليس هذا موضعه، فأعجب الشيخ، رحمه الله تعالى بذلك.وفيها في شعبان مات فجأة، الإمام الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمري. أخذ علم الحديث عن ابن دقيق العيد، والدمياطي، وكان أحد الأذكياء الحفاظ، له النظم والنثر والبلاغة والتصانيف المتقنة، وكان شيخ الظاهرية، وخطيب جامع الخندق.وفيها يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رمضان، انفصل القاضي جمال الدين يوسف بن جملة الحجي الشافعي من قضاء دمشق، وعقد له مجلس عند نائب السلطنة تنكز، وحكم بعزله، لكونه عزر الشيخ الظهير الرومي فجاوز في تعزيره الحد، ورسم على القاضي المذكور بالعذراوية ثم نقل إلى القلعة، فإن القاضي المالكي حكم بحبسه، وطولع السلطان بذلك فأمر بتنفيذه.قلت وأعجب بعض الناس حبسه أولاً، ثم رجع الناس إلى أنفسهم فأكبروا مثل ذلك، ومما قلت فيه: ونفي الشيخ إلى بلاد المشرق، وكانت مدة ولاية القاضي المذكور سنة ونصفاً سوى أيام، فكان الناس يرون أن حادثة القاضي، وحبسه بالقلعة بقيامه على ابن تيمية جزاء وفاقاً.ومات الشيخ سيف الدين يحيى بن أحمد بن أبي نصر محمد بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلي بحماة، وكان شهماً سخياً رحمه الله تعالى.وفي منتصف الشهر وجد بالقاهرة يهودي مع مسلمة من بنات الترك، فرجم اليهودي وأحرق وأخذ ماله كله، وكان متمولاً وحبست المرأة. قلت: وحكى لي عدل، أنه أخذ منه ألف ألف درهم وثلاث صواني زمرد وعزل الأمير سيف الدين بلبان عن ثغر دمياط، وأخذ منه مال وحبس.وفيها في شوال، توفي الصاحب شمس الدين غبريال، وكان قد أخذ منه ألفا ألف درهم، وكان حسن التدبير في الدنيويات، وأسلم سنة إحدى وسبعمائة، هو وأمين الملك معاً.وفيه بالقاهرة، خصي عبد أسود كان تعرض إلى أولاد الناس، فمات قلت: ومات الإمام شمس الدين محمد بن عثمان الأصفهاني المعروف بابن العجمي الحنفي، كان مدرساً بالإقبالية، وحدث بالمدينة النبوية ودرس أيضاً بالمدرسة الشريفة النبوية، وحدث بدمشق، وكان فاضلاً وجمع منسكاً على المذاهب، ومات الشيخ الزاهد ناصر الدين محمد ابن الشرف صالح بحماة، أقام أكثر من ثلاثين سنة لا يأكل الفاكهة ولا اللحم، وكان ملازماً للصوم لا يقبل من أحد شيئاً قلت: وفيه كتب بدمشق محضر بأن الصاحب غبريال، كان احتاط على بيت المال. واشترى أملاكاً ووقفها. وليس له ذلك فشهد بذلك جماعة، منهم ابن الشيرازي وابن أخيه عماد وابن مراجل، وأثبت عند برهان الدين الزرعي، ونفذوه وامتنع المحتسب عز الدين بن الغلانيس من الشهادة بذلك فرسم عليه وعزل من الحسبة. قلت: وفيها في ذي القعدة، تولى قضاء قضاة الشافعية بدمشق، شهاب الدين محمد ابن المجد عبد الله ابن الحسين، درس وأفتى قديماً وضاهى الكبار، وتنقلت به الأحوال، وهو على ما فيه غزير المروءة سخي النفس متطلع إلى قضاء حوائج الناس. واستمر قاضياً إلى أن كان ما سنذكر، وتوجه مهنا بن عيسى أمير العرب إلى طاعة السلطان بعد النفرة العظيمة عنه سنين، ومعه صاحب حماة الملك. الأفضل، فأقبل السلطان على مهنا وخلع عليه، وعلى أصحاب مائة وستين خلعة، ورسم له بمال كثير الذهب والفضة والقماش، وأقطعه عدة قرى، وعاد إلى أهله مكرماً. ومات المجود الأديب بدر الدين حسن بن علي بن عدنان الحمداني ابن المحدث. وفيها أظن ذي الحجة مات القاضي مجد الدين حرمي بن قاسم الفاقوسي الشافعي، وكيل بيت المال، ومدرس قبة الشافعي وكان معمراً.وألزمت النصارى واليهود ببغداد بالغيار، ثم نقضت كنائسهم ودياراتهم، وأسلم منهم ومن أعيانهم خلق كثير، منهم سديد الدولة، وكان ركناً لليهود، عمر في زمن يهوديته مدفناً له، خسر عليه مالاً طائلاً، فخرب مع الكنائس، وجعل بعض الكنائس معبداً للمسلمين، وشرع في عمارة جامع بدرب دينار، وكانت بيعة كبيرة جداً، واشتهر عن جماعة من الشيعة في قرية بتي بالعراق، وأنهم دخلوا على مريض منهم، فجعل يصيح أخذ في المغول، خلصوني منهم، وكرر ذلك فاختلس من بينهم حياً فكان آخر عهدهم به، وكان الرجل من فقهاء الشيعة، يتولى عقود أنكحتهم، إن في ذلك لعبرة.وأطلق ببغداد مكس الغزل وضمان الخمر، والفاحشة، وأعطيت المواريث لذوي الأرحام دون بيت المال، وخفف كثير من المكوس، ولله الحمد.
وفيها في ربيع الآخر، توفي الفقير الصالح الملازم لمجالس الحديث، أبو بكر بن هارون الشيباني الجزري، روى عن ابن البخاري.وقدم على نيابة طرابلس سيف الدين طينال الناصري عوضاً عن أفوش الكركي، وحبس الكركي بقلعة دمشق، ثم نقل إلى الإسكندرية.وفيها في جمادى الأولى مات علاء الدين علي بن سلعوس التنوخي، وقد باشر صحابة الديوان لدمشق، ثم ترك واحتيط بمصر على دار الأمير بكتمر الحاجب لامي، ونبشت فأخذ منها شيء عظيم.وفيها في جمادى الآخرة مات مشددار الطراز، سيف الدين علي بن عمر بن قزل سبط الملك الحافظ، ووقف على كرسي وسيع بالجامع.ومات ببعلبك الفقيه أبو طاهر، سمع من التاج عبد الخالق وعدة، وكتب وحدث، وعمل ستر ديباج منقوش على المصحف العثماني بدمشق بأربعة آلاف درهم وخمسمائة. قلت: ومات فجأة التاجر علاء الدين علي السنجاري بالقاهرة، وهو الذي أنشأ دار القرآن بباب الناطفانيين قلت: ومات بمصر، الواعظ شمس الدين حسين، وهو آخر أصحاب الحافظ المنذري، سمع من جماعة، وكان عالماً حسن الشكل. ومات الفاضل الأديب زكي الدين المأمون الحميري المصري المالكي بمصر، ولي نظر الكرك والشوبك، وعمر نحو تسعين سنة.وفيها في رجب مات الفقيه محمد بن محي الدين محمد ابن القاضي شمس الدين ابن الزكي العماني، شابا درس مدة بدمشق.ومات الحافظ قطب الدين الكلبي بالحسينية حفظ الألفية والشاطبية، وسمع من القاضي شمس الدين بن العماد وغيره، وحج مرات وصنف وكان كيساً حسن الأخلاق؛ مطرحاً للتكلف؛ طاهر اللسان مضبوط الأوقات، شرح معظم البخاري، وعمل تاريخاً لمصر لم يتمه، ودرس الحديث بجامع الحاكم، وخلف تسعة أولاد، ودفن عند خاله الشيخ نصر المنبجي.وفيه أخرج السلطان من حبس الإسكندرية ثلاثة عشر نفراً منهم تمر الساقي الذي ناب بطرابلس، وبيبرس الحاجب وخلع على الجميع، وفيه طلب قاضي الإسكندرية فخر الدين بن سكين وعزل بسبب فرنجي.وفيها في شعبان مات المفتي بدر الدين محمد بن الفويرة الحنفي سمع وحدث.ومات القاضي زين الدين عبد الكافي بن علي بن تمام، روى عن الأنماطي وأخذ عنه ابن رافع وغيره.ومات عز الدين يوسف الحنفي بمصر، حدث عن إبراهيم، وناب في الحكم.وفيها في رمضان مات صاحبنا شمس الدين محمد بن يوسف التدمري، خطيب حمص، كان يفتي ويدرس.وتولى قضاء الإسكندرية العماد محمد بن إسحاق الصوفي.وفيها في شوال قدم عسكر حلب، والنائب من غزاة بلد سيس، وقد خربوا في بلد أذنة وطرسوس، وأحرقوا الزروع واستاقوا المواشي، وأتوا بمائتين وأربعين أسيراً، وما عدم من المسلمين سوى شخص واحد، غرق في النهر، وكان العسكر عشرة آلاف سوى من تبعهم، فلما علم أهل إياس بذلك أحاطوا بمن عندهم من المسلمين التجار وغيرهم، وحبسوهم في خان ثم أحرقوه، فقل من نجا، فعلوا ذلك بنحو ألفي رجل من التجار البغاددة وغيرهم في يوم عيد الفطر فلله الأمر.واحترق في حماة مائتان وخمسون حانوتاً، وذهبت الأموال واهتم الملك بعمارة ذلك وكان الحريق عند الفجر إلى طلوع الشمس، وذكر أن شخصاً رأى ملائكة يسوقون النار، فجعل ينادي أمسكوا يا عباد الله، لا ترسلوا، فقالوا أبهذا أمرنا ثم إن رجل توفي لساعته.وناب بدمشق في القضاء، شهاب الدين أحمد بن شرف الزرعي الشافعي.قاضي حصن الأكراد.وورد الخبر بحريق أنطاكية قبل رجوع العسكر، فلم يبق بها إلا القليل، ولم يعلم سبب ذلك.وفيها في ذي القعدة توفيت زينب بنت الخطيب يحيى ابن الإمام عز الدين بن عبد السلام السلمي، سمعت من جماعة، وكان فيها عبادة وخير وحدثت.ومات الطبيب جمال الدين عبد الله بن عبد السيد، ودفن في قبر أعده لنفسه، وكان من أطباء المارستان النوري بدمشق، وأسلم مع والده الذبان سنة إحدى وسبعمائة.ومات حسام الدين مهنا بن عيسى أمير العرب، وحزن عليه آله، وأقاموا مأتماً بليغاً ولبسوا السواد، أناف على الثمانين. وله معروف، من ذلك مارستان جيد بسرمين، ولقد أحسن برجوعه إلى طاعة سلطان الإسلام قبل وفاته، وكانت وفاته بالقرب من سلمية.ومات المحدث الرئيس العالم شمس الدين محمد بن أبي بكر بن طرخان الحنبلي سمع من ابن عبد الدائم وغيره، وكان بديع الخط، وكتب الطباق، وله نظم.وفيها في ذي الحجة مات الفقيه الزاهد شرف الدين فضل بن عيسى بن قنديل العجلوني الحنبلي بالمسمارية، كان له اشتغال وفهم ويد في التعبير، وتعفف وقوة نفس، عرض عليه خزن المصحف العثماني فامتنع، رحمه الله تعالى.وفيها وصل الأمير سيف الدين أبو بكر الباشري إلى حلب، وصحب معه، الرجال والصناع، وتوجه إلى قلعة جعبر، وشرع في عمارتها، وكانت خراباً من زمن هولاكو، وهي من أمنع القلاع، تسبب في عمارتها الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام، ولحق المملكة الحلبية وغيرها بسبب عمارتها ونفوذ ماء الفرات إلى أسفل منها كلفة كثيرة.
|